الدين مناقض للعلم في وصف السماء في القرآن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين

يتردد الكثير من مناقضى الأديان بكلمة الدين يناقض العلم
ويضربون علي ذلك أمثلة عده
والحقيقة هي انه يمكن ان يقال فهم خاطئ للدين يناقض العلم
اما الدين نفسه فهو من خالق البشر الذين تعلموا هذا العلم
كيف يتناقض اثنين من مشكاة واحدة !؟
واليوم سنجيب عن شبهة من تلك الأكثلة وهي وصف السماء في القرآن وادعاء ان هذا الوصف مناقض للقرآن الكريم
يقال من هؤلاء ان القران يتكلم عن السماء بشكل مخالف تماما للعلم
وده لان الايات القرآنية تتكلم عن السماء
وكانها سقف مادي ليه ابواب
وانه يتشقق ويتفطر ويتزين بالنجوم 
وان كل هذا بيتم ادراكه بالعين المجردة
زي مثلا قوله تعالي (أفلم ينظروا الي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج)
وقوله تعالي (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها)
وقوله تعالي (الله الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور)
وقوله تعالي (الم ترو كيف خلق الله سبع سماوات طباقا)
فكل هذه آيات تقول ان السماء عبارة عن سقف مادي له ابواب
يتشقق وبيتفطر
والعلم الحديث طبعات وصل لمسافات طويلة جدا في الفضاء
ولم نرى سقف مادي ولا ابواب ولا تشقق ولا عيوب ولا اي حاجة
وهذا يدل علي ان القران يتكلم عن التصور البدائي للانسان عن السماء
وهذا التصور بيدل علي انه ليس كلام خالق تلك السماء
يعني القران ليس كلام الله
والآن لننظر
اولا لازم تعرف ان كلمة سماء وردت كمفرد وجمع في القران اكتر من 300 مرة
ولو حضرتك قرأت هذه الايات
هتلاقي انها بتتحول بين معاني وسياقات ومقاصد مختلفة
يعني كلمة سماء ذكرت كتير جدا
لكن في كل ذكر ليها حسب السياق بيبقي ليها معني معين مقصود
يعني مثلا قوله تعالي (ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين * فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها )
و ده معناه ان السماء هنا المتكلم عنها
هي البناء اليذي خلقه الله في يومين
 لكن مثلا في قوله تعالي (وانزلنا من السماء ماء) فهنا السماء تعني السحاب
لكن قوله تعالي (أولم يرو الي الطير مسخرات في جو السماء) 
هنا معناها كل ما علا الانسان وسطح الارض
يعنى كل الايات دي فيها كلمة واحده
لكن في كل ايه تعطي معني مختلف
وده لان زي ما بيننا سابقا في مقالات أخري
ان كلمة سماء تعني كل ما علا الارض
وذكرنا بيت الشعر القائل بسماء البيت يعني سقف البيت
وكذلك بن منظور صاحب لسان العرب
يقول ان السماء هي كل ما علاك فاظلك
وده المعني اللغوي لكلمة سماء
وده اللي وضحه اهل العلم زي بن تيمية في قوله في كلمة سماء
(لفظ سماء يتناول كل كل ما سما ويدخل فيه السماوات والكرسي والعرش وما فوق ذلك .. واذا كان لفظ السماء يراد به السحاب ويراد به الفلك ويراد به ما فوق العالم ويراد به العلو مطلقا)

إذا فإن كلمة سماء هي كلمة واحدة
لكن ممكن ترد في مواقف وسياقات مختلفه 
فتعطي معانٍ مختلفة تماما
حسب سياق ومقصد كل آية
لو فهمت النقطة الأصل دي يبقي معندكس مشكلة
لان منطلق الشبهة هنا بيجي
من انك بتوحد معني واحد فقط لكلمة سماء
فلما تيجي أي آية يجي فيها لفظ سماء
بيجي في دماغك المعني الواحد ده 
فتبدأ تسأل باستغراب
ازاي !!
زي مثلا ان دلوقت في دماغك ان كلمة سماء هي معناها البناء
اللي هو السماء البناء يعني
فتيجي مثلا تقرا قوله تعالي (وانزلنا من السماء ماء)
فاتعجب.قائلا
ازاي والمطر من السحاب!؟
مش من نهاية الكون اللي هو بناء السماء
فتيجي هنا الاستشكال عندك
فتيجي الشبهة
لكن لو فهمت انها ليها معاني مختلفة 
وكل ذكر ليها بيدي معني غير التاني تماما
هتلاقي ان مفيش اي مشكلة في فهمك للايه
و هتلاقي في الغالب ان القران
بيستعمل لفظ سماء او سماوات
عن الفلك المحيط بالارض الملئ بالايات الدلة علي عظمة الله
زي مثلا قوله تعالي (والمساء ذات البروج)
بغض النظر عن الخلاف حول معني البروج هنا
لكن في الاخر ان كل المفسرين اجمعوا ان المقصود هنا عموما
بمعني كلمة بروج
هي السماء اللي بتظهر فيها الشمس والنجوم القمر والكواكب

وبن جرير رحمه الله بيقول بعد ما نقل الخلاف في معني البروج
بيقول (وأولي الاقوال في ذلك بالصواب ان يقال معني ذلك والسماء ذات منازل الشمس والقمر وذلك ان البروج جمع برج وهي منازل تتخذ عالية عن الارض مرتفعة ومن ذلك قول الله (ولو كنتم في بروج مشيدة) أي منازل مرتفعة عالية في السماء )
والكلام ده بيدل
علي ان السماء الواردة في الايه هنا المقصود بيها
الفلك اللي بيشوف الناس فيه البروج دي
وده بيدل عليه قوله تعالي (جعل في السماء بروجا)
يعني النجوم او منازلها

ولابد من توضيح
ان كلمة الفلك المحيط بالارض هنا
معناها اي شئ محيط بالارض 
من سحب او نجوم او قمر او شمس او كواكب 
او اي حاجة بتحيط او بتعلوا الارض
وده زي قوله تعالي
(ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر)
وهنا طبعا مش المقصود السماء الي هو الشئ الغيبي
ولكن السحب اللتى هي من ضمن الفلك المحيط بالارض

وفي آيه في نفس الموضوع بتدل استدلال جميل جدا
وهي قوله تعالي (وجعلنا السماء سقفا محوظا {ركز كده} وهم عن اياتها معرضون)
هنا قال وهم عن اياتها معرضون
وده بيدل علي امكانية ادراك السماء المذكورة في الايه دي
لان لو مينفعش يدركها الكفار 
مكنش هيبقي في الاختيار المعاكس وهو الاعراض
لان الاعراض هو الصد عن قبول الشئ
فلو مش هيتم ادراكه اصلا مكانش هيقول هنا الاختيار المعاكس وهو اعراضهم عن رؤية ايات السماء
وعشان كده المفسرين هنا قالوا
ان المراد بالسماء هنا هو الفلك المحيط بالارض من كواكب ونجوم ومجرات وشمس الخ
وتلاقي في بقا ايات مشابهة لنفس المعني ده كتير
وبن كثير رحمه الله قال ان الايه دي مماثله لبعض الايات
الدالة علي نفس المعني
زي مثلا قوله تعالي (وكأين من ايه في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)
وقوله تعالي (افلم يرو الي ما بين ايديهم وما خلفهم من السماء والارض)
وقوله تعالي (قل انظروا ماذا في السماوات والارض)
فهنا نلاقي ان لفظ السماء ولفظ السماوات احيانا بيقصد بيه
حاجات انت شايفها بعينك في الفلك المحيط بيك
عشان هنا واضح من الايات جدا انها بتتكلم مرة عن الاعراض
ومرة عن الرؤية (افلم يرو)
فالرؤية هنا مثبته عن السماء والسماوات

هتقولي طب كلمة سماء وفهمنا ان معناها كل ما علاك
طيب ازاي ربنا عز وجل يقول
الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور))
فازاي هنا ربنا عز وجل بيأمرني انظر للسماوات السبع
وطبعا انا مش شايف الا سماء واحدة الي هي زي ماقولنا
كل ما علا الارض
ازاي بقي هنا بيقولي عن النظر في السبع سماوات؟؟

هجاوبك من أوجه مختلفة وركز معايا جدا في اللي جاي ده
اولا ان كلمة انظر مش ضروري تكون المقصود بيها رؤية العين
ولكن ساعات بيقصد بيها الرؤية العلمية
يعني الم تعلم
وعشان كده بن عادل رحمه الله بيقول
(وقوله (الم ترو كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) أي الم تعلموا ان الذي قدر علي هذا فهو الذي يجب ان يعبد)
والقرطبي قال في نفس الباب ده 
(قوله تعالي ( الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) اي الم تعلموا ان الذي قدر علي هذا فهو الذي يجب ان يعبد؟) 
فهنا الم تروا بمعني الم تعلموا
مش المقصود بيها الرؤيا البصريه
والشيخ الشعراوي ليه لافتة جميلة اوي في الجزء ده
بيقولك ان هنا قالك برؤية العين 
لان اصدق شئ بالنسبة لك هو العين
طيب لو ربنا عز وجل هو اللي اخبرك بشئ معين؟
المفروض يبقي تصديقه هنا اصدق من رؤية العين
عشان العين ممكن يتهيألها
لكن اخبار الله عن خلقه مفهوش ذرة شك
فمثل هنا علمك عن طريق اخبار الله ليك
مثلهولك برؤية العين اللي هي اصدق حس بتصدق من خلاله
عشان يترسخ في قلبك تصديق ما جاء به القران
حتي وان لم تراه
وده زي مثلا قوله تعالي (ألم تر الي الذي حاج ابراهيم في ربه ان اتاه الله الملك)
هنا ده اخبار من ربنا عز وجل للنبي صلي الله عليه وسلم
بحكاية عن ابراهيم
طب هيشوفو ازاي؟؟
ولكن لان خبرالله اصدق من رؤية العين فقال الم تر
كذلك قوله تعالي (ألم تر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس)
هنا الم تر بمعني الم تعلم
لان استحاله طبعا انك تشوف سجود الشمس والقمر والنجوم والجبال 
فكذلك امر السماوات والنظر فيها
هنا رؤية العين علي سبيل ان ده اخبار من ربنا ليك
اصدق من رؤية العين
وهي عدم وجود عيوب في السماء

تاني وجه هو ان كلمة سماوات هنا تعني الافلاك المحيطة بيك
لان زي ما قولنا ان كلمة سماء تعني ما علا عنك من الفلك اللي حولين الارض
فلو اطلقنا كلمه افلاك علي النجوم والكواكب والشمس
لغويا يقال عنها سماوات
لانها اشياء علت عن الارض
والشئ منها سماء
فالاشياء سماوات
فهنا المقصود بالسماوات اي الافلاك المحيطة بالارض
مش السماوات السبع اللي هم البناء

الوجه التالت هو ان هنا الامر بالرؤيا 
مش في السماوات اصلا 
ولكن في خلق الرحمن اللي بيمكن رؤيته
لان ربنا عز وجل قال (ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور)
فارجع البصر هنا اي لخلق الرحمن 
اللي ممكن انت تشوفه من السماء الارض
مش راجع للفظ السماوات

الوجه الرابع وهو احتماليه ان الشمس والنجوم والمجرات اللي بنشوفهم دول ممكن يكونوا في السماوات السبع
بمعني ان زي ما قال بعض اهل العلم الفلك المحيط بينا ده
مش السماء الاولي بس
لا ده السبع سماوات
وفي فعلا من عملماء المسلمين اللي جعل السماوات السبع هم الافلاك السبع
بن تيمية بيتكلم في الباب ده وبيقول 
(اما قوله الافلاك هل هي السماوات او غيرها ففي ذلك قولان معروفان للناس لكن الذي قالوا ان هذا هو هذا احتجوا بقوله تعالي (الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا .. وجل القمر فيهم نورا وجعل الشمس سراجا)
قالوا فاخبر الله ان القمر في السماوات 
وقد قال تعالي (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون) وقال تعالي ( لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسحبون)
فاخبر الله ان القمر في الفلك كما اخبر انه في السماوات ولا نالله اخبر انا نري السماوات بقوله (الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور .. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير) وقال تعالي (افلم ينظروا الي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج) وامثال ذلك من النصوص الدالة هلي ان السماء مشاهدة
والمشاهد هو الفلك
فدل ذلك علي ان احدهما هو الاخر)
يعني ببساطة بيقولك ان ربنا عز وجل مرة قال ان القمر في السماوات السبع
وبعدين اخبرنا ان القمر في الفلك
وبعدين امرنا بالنظر في السماوات السبع
فدل علي ان الفلك هو السماوات والسماوات هم الفلك

فهم لو يقصدوا ان لفظ السماوات يطلق علي الافلاك بطبقاته المختلفه فهو قول صحيح مفهوش مشكلة
وموافق لظاهر الايات
ومش مخالف للعلم الحديث لانه موصلوش اصلا
لكن لو يقصدوا بان السماوات او السماء لا يراد بهما الا الفلك المحيط فقط بالارض
وانكروا علي وجود البناء اللي بناه ربنا عز وجل في يومين
فده قول مردود النه مخالف لظواهر الايات

و من باب الامانه العلمية وعشان نبقي نقلنا حتي الاراء الشاذه
في بعض من اهل العلم قالوا
ان في السماء الاولي القمر والثانية فيها عطارد والثالثه فيها الزهرة والرابعة فيها الشمس والخامسة فيها المريخ والسابعة فيها زحل ..
انا بصراحة معرفش جابوها منين التقسيمة دي
بس ما علينا
هم بشر يخطئوا ويصيبوا 
ويؤخذ منهم ويرد
وكلامهم مردود علي قائله وليس علي الدين
كده وصلك الرد علي الشبهة
واوجه التفسير المختلفة لكلمه سماء
ودحض ان الدين بيناقض العلم من هذه الشبهة
والحمد لله رب العال
والسلام عليكم

تعليقات

المشاركات الشائعة